منوعات

حزم الحماية الاجتماعية.. انحياز استباقي للمواطن في ظل قرارات اقتصادية حادة – أخبار مصر

استمرار وتوالي الازمات الاقتصادية والجيوسياسية الخارجية، بدء من جائحة كورونا مرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية وصولًا إلى تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما أعقبه من تصاعد واتساع لرقعة الصراع، أدى لتفاقم حالة عدم اليقين التي انتابت الاقتصاد العالمي، مع توقعات بمزيد من ارتفاع معدلات التضخم بالعالم أجمع خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية.

وعلى المستوى المحلي، تأثر الاقتصاد المصري بالتداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم كجزء من العالم لم يكن بمنأى عن هذه التداعيات، وانعكس هذا التأثر في صورة نقص الموارد من العملات الأجنبية مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتزايد الضغوط التضخمية.

وهو ما دفع الدولة لإجراء تدخلات جذرية للعمل على تحسين الهيكل الاقتصادي المصري بتعزيز الاستثمار المباشر وتحسين بيئة الاعمال واستثمار مشروعات البنية التحتية العملاقة التي تم تنفيذها على مدى العقد الماضي وتم ترجمة ذلك في نجاح الدولة في جذب أكبر صفقة استثمار مباشر بقيمة 35 مليار دولار، إلى جانب لتطبيق عدة أليات ضمن سياسة تقييدية؛ للعمل على القضاء السوق الموازية للصرف الأجنبي واستهداف التضخم، أبرزها الرفع المتتالي لمعدلات الفائدة، أخرها اليوم 6 مارس الجاري برفع الفائدة 6% لتصل في مصر إلى 27.25%، مع قرار آخر بإخضاع سعر صرف العملة لآليات السوق.

إلا أنَّ سبل العلاج هذه يتوقع أن يكون لها بعض الآثار الجانبية البالغة على بعض المواطنين، وهو ما دفع القيادة السياسية والحكومة لاتخاذ بعض الإجراءات الاستباقية والمبادرات التي من شأنها تعزيز القدرات المالية لقطاع واسع من المواطنين وتخفيف العبء عن كاهلهم.

تداعيات متشابكة

واجهت معظم دول العالم صدمات مالية واقتصادية عنيفة إثر جائحة كورونا، وفرض حالة الإغلاق التام بمعظم دول العالم إثر تفشي الجائحة بجميع دول العالم، لتكون الجائحة بمثابة الإنذار الأول لأثر الأزمات العالمية الكبرى، والتي انكشف فيها هشاشة الأنظمة الصحية لأكثر الدول تقدمًا، ولم تكن الجائحة كاشفة لمتانة القطاع الصحي فقط، بل للأنظمة الاقتصادية أيضًا.

وأثناء الجائحة تهاوت عدة أنظمة اقتصادية كانت توصف بأنها -كبرى- لتعلن تأثرها بحالة الإغلاق التام التي فرضتها الجائحة، ليتراجع على إثر الجائحة معدلات النمو الاقتصادي، والاستثمار المباشر بكافة دول العالم، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، واضطراب سلاسل التوريد والإمداد بين كافة دول العالم.

إلا أنَّ مصر كان لها تجربة فريدة في التعامل مع هذه الأزمة، مكنتها من عبور هذه الأزمة العالمية بأقل الخسائر الممكنة، وأثبت الاقتصاد المصري قدرته على الصمود النسبي أمام هذه الجائحة، رغم التوقف شبه التام للسياحة، واستطاع تحقيق معدلات نمو إيجابية رغم الصدمات الاقتصادية العالمية.

ولم يلبث العالم يتعافى من أثار الجائحة، حتى اندلعت الأزمة الروسية الأوكرانية، فبراير 2022، لتفرض حالة من انعدام الأمن الغذائي، كما أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم العالمي، حيث سجلت أعلى مستوياتها في العديد من دول العالم مما استلزم توجه البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة إلى رفع أسعار الفائدة العالمية أكثر من مرة، لاحتواء الضغوطات التضخمية، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمات المديونية وتراجع قيمة عملات أغلب الدول مقابل الدولار الأمريكي.

ومازال الاقتصاد العالمي بمختلف روافده، ومكوناته يواجه تحديات غير مسبوقة، تتمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة تكاليف التمويل والتنمية الذي جعلت المالية العامة بشتى الدول أمام ضغوط متصاعدة تتشابك فيها الآثار السلبية لجائحة كورونا وتوترات جيوسياسية تزايدت تعقيداتها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وفي أوروبا أيضًا، في ظل الأعباء التمويلية المطلوب تحملها للوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتكاليف الحزم الاجتماعية للحد من الموجات التضخمية، أو في تراجع الإيرادات العامة نتيجة لانحسار النشاط الاقتصادي حول العالم.

وعلى خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية، وتحركات الفيدرالي الأمريكي لرفع معدلات الفائدة لعدة مرات، أدت إلى انخفاض معدلات الاستثمار المباشر حول العالم، ولم تكن مصر بمعزل عن هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، باعتبارها جزء لا يتجزأ من العالم يؤثر ويتأثر بكل مجرياته، خاصة أن دولتي الصراع أحد المصدرين الرئيسيين للحبوب لمصر، كذلك من أهم موردي السياحة الشاطئية لمصر.

وعلى المستوى المحلي، أدت سياسة الفيدرالي الأمريكي إلى خروج ما يزيد عن 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2022، فضلاً عن ارتفاع لمعدلات التضخم الأساسي ليسجل 38.7% في عام 2023، وتراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بما يزيد عن 60%، إلى جانب تصاعد حجم المديونية الخارجية، واتساع الفجوة الدولارية بين المطلوب والمعروض من الدولار.

وفي ظل استمرار هذه الضغوط الاقتصادية، تندلع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر الماضي، في عدوان يوصف بأنَّه الأطول والأكثر ضراوة على الإطلاق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع تصاعد حدة الأزمة، واتساع رقعة الصراع لتشمل بعض الضربات الحوثية للمصالح الإسرائيلية بالبحر الأحمر، وتضرر عدد من السفن العملاقة، الأمر الذي دفع عدد من السفن لتغيير وجهتها بالمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما مثل تهديد مباشر لعوائد قناة السويس من النقد الأجنبي، إذ يتوقع انخفاض إيرادات القناة إلى 7.5 مليار دولار لهذا العام، ووفق تصريحات رئيس هيئة قناة السويس، انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة 44% في يناير 2024 مقارنة بشهر يناير 2023 البالغة 802 مليون دولار، إلى جانب احتمالية تأثيرها على عوائد السياحة لمصر حال استمرار الصراع وتعطل حركة السفن.

كل هذه الضغوط على مصادر النقد الأجنبي لمصر واتساع وانكشاف الفجوة الدولارية كان لها بالغ الأثر في خلق سوق موازية لصرف الجنيه تجاوز فيها سعر الدولار في بعض الأحيان حاجز الـ 70 جنيهًا للدولار، في حين ثبات السعر الرسمي في البنوك عند قرابة 31 جنيه فقط.

كل هذه التحديات المتوالية والمجتمعة خلقت موجة تضخمية هي الأعنف خلال العقد الأخير، انعكست في ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتكاليف التمويل؛ فأثر زيادة معدلات التضخم طال جميع السلع والخدمات الأساسية منها والترفيهية على حد سواء وهو ما ترك أثر بالغ على كل المواطنين –وما فاقم الوضع سوءًا استغلال بعض تجار الأزمات للأوضاع الراهنة لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة على حساب المواطن- باختلاف مستوياتهم.

كل هذا في ظل اختلالات مزمنة بهيكل الاقتصاد المصري، تتمثل في تزايد الاعتماد على الاستثمار الأجنبي غير المباشر، وتزايد نسب الناتج المحلي عن القطاعات الاستثمارية الخدمية عنها من القطاعات الإنتاجية.


الخبر الاصلي تجدة علي موقع اليوم السابع وقد قام فريق التحرير بنقل الخبر كما هو او ربما تم التعديل علية وجب التنوية عن مصدر الخبر احترما باعدة الحقوق الاصلية لنشر لاصحابها وموقع المنصة الاخبارية لن يتسني لة التحقق من جميع الاخبار المنشورة والمسؤلية تقع علي عاتق ناشريها بالموقع المشار الية سلفا وهو موقع اليوم السابع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى