منوعات

مكسيم جوركى.. ما قاله موسى صبرى عن الكاتب الشهير

يعد مكسيم جوركي، أحد أبرز الكتاب الروس فى زمن الاتحاد السوفيتى إذ ولد فى 28 مارس عام 1868، وهو أديب وناشط سياسى ماركسى روسى، وتوفى فى  18 يونيو 1936.

يقول عنه الكاتب الكبير موسى صبرى في كتابه  (هؤلاء علموني) تحت عنوان: جوركى والأديب المكافح:
فى القرن التاسع عشر، وخاصة فى نصفه الثاني، كانت روسيا التى هى الآن جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفييتي، تتنازعها حركتان أدبيتان — أو الأحرى اجتماعيتان — إزاء ضغط الثقافة الأوروبية التى كانت تزحف إليها من أوروبا الغربية، والتى فتح لها بطرس الأكبر صدره حين أراد أن ينقل روسيا من الشرق إلى الغرب.

وكان إزاء هذا الضغط الزاحف، تنشط حركة أخرى يقول دعاتها إن الروس صقالبة لا شأن لهم بالأوروبيين، وإن لهؤلاء الصقالبة روحًا وتقاليد وعادات يجب على الروس أن يحافظوا عليها وألا يتلوثوا بالحضارة الأوروبية الفاسدة.

وكان تولستوى ودستوفسكى داعيتى هذه الحركة الصقلبية، كما كان تورجنيف وجوركى داعيتى الاتجاه الأوروبي، وكان التصادم الفكرى بينهما كثيرًا، وهذا التصادم قد رأينا مثله فى مصر، ففى الخمسين أو الستين سنة الماضية رأينا دعاة السفور للمرأة، مثل قاسم أمين، يتجهون نحو الغرب ويقولون بالأخذ بالحضارة العصرية، كما رأينا دعاة الحجاب، مثل طلعت حرب، يقولون بأننا شرقيون لنا تقاليدنا التى تفضل التقاليد الغربية.

بل كذلك حدث فى اليابان والصين والهند، ولكن فى جميع هذه المصادمات يتغلب دعاة الحضارة الغربية لسبب مفرد بسيط، هو أنها ليست غربية؛ إذ إن وصفها الحقيقى أنها عصرية جديدة، فى حين أن ما يسمى حضارة شرقية، أو صقلبية، إنما هو تلك العادات والتقاليد القديمة التى أثبت الاختبار أنها ليست كفئًا للوقوف فى وجه الحضارة العصرية.

الحضارة العصرية الصناعية منتجة، توفر المال والقوة للغربيين، أما الحضارة الشرقية الزراعية القديمة فلم تكن منتجة إلى حد الوفرة؛ ولذلك يحيا أبناؤها فى فقر وضعف يغرى المستعمرين الأوروبيين باستغلالهم واستعمار بلادهم.

بقيت هذه المعركة بين دعاة القديم الشرقى والجديد الغربى مستعرة إلى عام ١٨٨١، حين قُتل القيصر إسكندر الثاني، وعندئذٍ سادت البلاد رجعية سوداء كان من نتائجها أو وسائلها منع المؤلفات اليسارية الأوروبية من الدخول فى روسيا واضطهاد المؤلفين الاشتراكيين، وفى مثل هذه الظروف تجرى الدعايات المضطهدة فى الظلام، وتختمر بأشد وأعنف مما كانت تختمر لو كانت مكشوفة؛ إذ عندئذٍ يدخلها العنف الذى لا يتفق والحركات المكشوفة؛ ولذلك فشت الجمعيات السرية التى يحدثنا عنها جوركي، الذى كان وقتئذٍ شابًّا حوالى العشرين، يجوس خلال الأفكار والناس، ويحيا شريدًا يتنقل من حرفة إلى حرفة لسد الرمق. وفى هذا الضغط أو الكبت، عقب مقتل القيصر، تبخَّر الصراع بين دعاة الصقلبية، أى الشرق، وبين دعاة الحضارة الغربية، وأخذ مكانه صراع أعمق وأبعد بين الرأسمالية والاشتراكية. وكانت الرأسمالية بازغة فى روسيا، قد جلبها المستعمرون — أى المستغلون — من الغربيين الذى ألَّفوا الشركات لإيجاد المصانع، واشترك معهم الأثرياء من الروس الذين آمنوا بالحضارة الغربية، والذين وجدوا الظروف ملائمة لاستغلال الثروة المادية، والبشرية الروسية، وذلك عقب إلغاء النظام الإقطاعى السابق وتحرير عبيد الأرض — أى العمال — الذين لم يكن يسمح لهم من قبل بترك الأرض إلا بإذن المالكين.

واتحد الاشتراكيون والأحرار فى التوجيه السياسى للشعب الروسي، وحدثت ثورة عام ١٩٠٥ التى كانت فى صميمها مظاهرة أحالها طغيان الحكومة القيصرية إلى مجزرة قُتل فيها أكثر من خمسمائة، غير آلاف الجرحى، وكان يقودها إلى الفشل الكاهن «جابون» الذى دعا المتظاهرين إلى ألا يحملوا السلاح ضد «الأب الصغير» — أى القيصر — ولكن الأب الصغير كان يحمل السلاح هو وآلاف من جنوده، استعملوا جميعهم السلاح لقتل الجماهير المتظاهرة، والتى لم تكن تطلب من القيصر أكثر من حكومة دستورية عادلة توفر الخبز والعمل لأبناء الشعب الجائعين. وهنا نجد مكسيم جوركى لأول مرة يشترك فى هذه الثورة، ويتعلم منها. وكان أول ما تعلم من دروسها أن عرش القيصرية لن يهدمه الأحرار، وأن أحزاب الأحرار لم يعد لها مكان فى القرن العشرين، وأن الاشتراكية وحدها تتحمل عبء التغيير المنتظر بإيجاد جمهورية بدلًا من القيصرية.

وقصته العظيمة «الأم» التى ظهرت فى عام 1907 هى التعليق على ثورة 1905 الفاشلة، كما هى إرشاد وإلهام للشباب الثائرين فى روسيا حتى لا يقنطوا من النجاح المنشود فى ثورات أخرى.

الخبر الاصلي تجدة علي موقع اليوم السابع وقد قام فريق التحرير بنقل الخبر كما هو او ربما تم التعديل علية وجب التنوية عن مصدر الخبر احترما باعدة الحقوق الاصلية لنشر لاصحابها وموقع المنصة الاخبارية لن يتسني لة التحقق من جميع الاخبار المنشورة والمسؤلية تقع علي عاتق ناشريها بالموقع المشار الية سلفا وهو موقع اليوم السابع الخبر الاصلي هنا
اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى